جعلتنا والدتي نشعر بالاعتزاز

Ma mère nous a rendus fiers

في مرحلة ما من حياتنا، تفاقمت تعاستنا لدرجة أن أقترح البعض على والدتي إلحاقي بمركز للأيتام لأتعلّم حرفة. يجدر القول أيضاً أنهم أرادوا إبعادي لأنني كنت لا أُطاق إذ كنت أسرق الأجاص من عند الجيران، وأمارس كافّة الألاعيب والحيل الممكنة. ذات يوم دخلت مقهى قريباً يبيع التبغ والسجائر، وشهرت مسدساً من الفلّين ورحت أصيح: “رفعوا أيدكم!” وأخذت المال الموجود على الطاولة.. كنت فعلاً الولد المشاغب في الحيّ. لم أكن أفوّت فرصة لأثبت ذلك.

لو ولدت في مجتمع شبيه بمجتمعات اليوم، لتمّ إرسالي إلى إصلاحيّة. أبدى أهل الحي تحفّظهم وانزعجت أمي لحرصها على سمعة العائلة. فاقترحوا عليها أن تضعني في ميتم “أوتوي”، ونشط الجميع من أجل ذلك. ولكن عشيّة رحيلي قالت لي والدتي: “لا، أنت لست يتيماً، لديك أم”.

وبفضل والدتي التزمتُ بخدمة العائلات الأشدّ فقراً. عاشت أمي وحيدة إذ رحل أبي وتحمّلت مسؤولية رعاية أربعة أولاد. وبفضلها، لم نكن تعساء. صحيح أننا تعرضنا للذلّ، لكنها كانت دوماً ترفع معنوياتنا. وبفضل والدتي كان الناس يعتبرون عائلتنا في الحيّ وكان الجيران يلقبونا ب”كيكي” بسبب لقبنا البولندي فقط.

كانت أمي تتلقى دوماً المساعدة، بطريقة أو بأخرى، لأنها على الرغم من بؤسها، ظلّت امرأة محترمة وعزيزة النفس. لقد جعلتنا نعتزّ بها، وعلمتنا الأعتزاز. وعندما كان أحد يقلل من إحترامنا، كانت تردّ عليه قائلاً : “كلا، انا لا أقبل بذلك.” كانت تفرض نفسها.

0 comments Leave a comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.